-A +A
«عكاظ» (لندن)

احتفاء بدولة الإمارات ضيف شرف أحد أكبر معارض التصميم في العالم، أطلق مجلس إرثي للحرف المعاصرة، التابع لمؤسسة نماء للارتقاء بالمرأة، خلال مشاركته ممثلاً وحيداً للإمارات في «معرض لندن للتصميم»، مجموعة تصاميم حصرية تضم 78 قطعة فنية من المجوهرات والديكور والأثاث والحقائب، وغيرها من المشغولات الإبداعية والفنية.

وتجمع المنتجات التي تعرض خلال الحدث الذي يجمع كبرى منصات التصميم والفنون في العالم خلال الفترة من 19 – 22 سبتمبر في العاصمة البريطانية لندن، بين الحِرف والموروثات التقليدية الإماراتية، وعدد من فنيات الحِرف العالمية، باستخدام تقنيات معاصرة دمجت بين الصناعات اليدوية والتصميم الحديث لإنتاج قطع تعد أول خط إنتاج لمجلس إرثي.

وصمم المنتجات ونفذها أكثر من 40 حرفيّة ومتدربة من برنامج «بدوة» للتنمية الاجتماعية التابع للمجلس، بالتعاون مع فنانين ومصممين وحرفيين عالميين من الإمارات، والباكستان، واليابان، والولايات المتحدة، والمملكة المتحدة، وإسبانيا، وإيطاليا، وفلسطين، خلال 2 من أبرز مشاريع المجلس؛ «مختبرات التصميم»، و«حوار الحِرف».

جاء ذلك خلال حفل الافتتاح الرسمي لمعرض لندن للتصميم صباح أمس الأول (الخميس)، بحضور رئيس دائرة العلاقات الحكومية في الشارقة الشيخ فاهم بن سلطان القاسمي، ورئيس مجلس سيدات أعمال الشارقة الشيخة هند بنت ماجد القاسمي، ومدير مؤسسة نماء للارتقاء بالمرأة ريم بن كرم، ونائب سفير دولة الإمارات في لندن روضة محمد العتيبة، و عضو مجلس إدارة غرفة تجارة وصناعة الشارقة رغدة تريم، وسط حضور رسميّ وإعلامي كبير.

وحول مشاركة دولة الإمارات في «معرض لندن للتصميم»، قال الشيخ فاهم بن سلطان القاسمي: «إن دعوة مجلس إرثي للحرف المعاصرة لتمثيل دولة الإمارات العربية المتحدة ضيف شرف معرض لندن للتصميم يعد انعكاساً لجهود إمارة الشارقة في تعزيز الريادة المجتمعية، وتجسيداً لرؤى وتوجيهات عضو المجلس الأعلى حاكم إمارة الشارقة الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، ونتيجة لدعم قرينته الشيخة جواهر بنت محمد القاسمي رئيسة مؤسسة نماء للارتقاء بالمرأة التي تولي مبادرات مؤسسة نماء، والمؤسسات التابعة لها، أهمية كبرى للإنجازات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية في الشارقة».

وأضاف: «كل مجموعة هي نتاج المجلس جاءت بالتعاون بين مصممين إماراتيين، ومصممين دوليين، ما يعكس تنوعاً ثقافياً وفنياً ملحوظاً، ونسعى من خلال الأعمال المعروضة إلى تجسيد رسالة التفاهم الثقافي التي تتبناها الشارقة، فالإمارة ومن خلال هذه المشاركات الدولية تعبر عن حضورها العالمي كعاصمة للثقافة والتعليم والابتكار، وتكشف القيم المشتركة التي تعزز علاقتها الطويلة مع لندن، وتوضح حجم التبادل والتعاون بين الإمارات العربية المتحدة والمملكة المتحدة».

من جهتها، قالت سعادة ريم بن كرم، مدير مؤسسة نماء للارتقاء بالمرأة: «مشاركة إرثي في معرض لندن للتصميم، والكشف عن أول خط إنتاج حصري للمجلس، خطوتان جديدتان تعكسان رؤية وإستراتيجية المجلس، الرامية إلى إبراز مكانة الشارقة مركزا إبداعيا عربيا وعالميا، وحاضنة لاقتصاد داعم للمرأة الحرفيّة، في الإمارة، والدولة، والمنطقة بصورة عامة، والتي تنطلق من توجيهات قرينة حاكم الشارقة الشيخة جواهر بنت محمد القاسمي رئيسة مؤسسة نماء للارتقاء بالمرأة، في تعزيز العمل الإبداعي المشترك بين الحرفيات والفنانين والمصممين الإماراتيين والعالميين».

وتنقسم الأعمال المعروضة إلى 12 مجموعة، تشمل 4 مجموعات من مشروع «حوار الحِرف»، و8 مجموعات من مشروع «مختبرات التصميم»، تضم كلٌّ منها 3-10 قطع فنية مصنوعة يدوياً.

زجاج مورانو الإيطالي والفخار الإماراتي
تعاونت المصممة الإماراتية فاطمة الزعابي مع المصمم الإيطالي ماتيو سيلفيريو لتقديم المجموعة الأولى من مشروع حوار الحرف، التي تجمع الفخار الإماراتي بزجاج مورانو الإيطالي، لصنع مزهرية، وشاحن للهواتف، ومصباح.

كراسي مبتكرة بالسفيفة تعيد إحياء صورة «العريش» الإماراتي
وفي المجموعة المبتكرة من تصاميم الكراسي التي يقدمها «إرثي» قدم المصممون لورا بلاسكو وخوانمي خواريز وأليكس استيفيز من «ميرميلادا استوديو» في برشلونة الإسبانيّة والمصممة الإماراتية غاية بن مسمار صورة حية لتستخدم نسج السفيفة في فن صناعة الأثاث، للمرة الأولى. واستوحى المصممون هذه الأعمال من مجموعة صور لبيوت «العريش» التقليدية، التي تبنى من سعف النخيل وتتواجد في المناطق الصحراوية.

السفيفة والفخار
تتكون هذه المجموعة من مقاعد وطاولات مشغولة بالفخار يمكن جمعها لتبدو كأنها عمود منحوت، حيث ابتكر المصمم الإماراتي عبدالله الملا والمصمّمة الإسبانية بيبا ريفيرتر قطع أثاث ضخمة يتجاوز عرضها 60 سنتيمتراً وارتفاعها متراً واحداً، واستخدم المصممان نسيج السفيفة التقليدي عنصر تصميم بتناغم مع الأشكال الفخارية.

التلّي الإماراتي والجلد الإسبانيّ
وترتكز مجموعة الأواني التي يقدمها المصمم الإسباني أدريان سلفادور كانديلا والمصممة الإماراتية شيخة بن ظاهر، على الميزات الطبيعية للجلد، إذ يمكن التحكّم بالجلد بسهولة ومرونة عند تبليله بالماء. وتمزج هذه الأواني الجلد الطبيعي ومنسوجات التلّي لتعرض حواراً بين حرفتين وثقافتين.

جداريّات«إرثي» وكازويتو تاكادوي الياباني
تعاون مجلس «إرثي» للحرف المعاصرة مع المصمم الياباني المقيم في المملكة المتحدة الفنانان كازويتو تاكادوي، والفنانة باتريشا سوانيل في المملكة المتحدة، لإنتاج لوحات جدارية تجمع التطريز باستخدام مواد طبيعية على ورق «الواشي» الياباني وحرفة السفيفة الإماراتية.

حقائب من الجلد منسوجة بتقنيات السفيفة
تتميّز مجموعة حقائب «إرثي» في المعرض عن غيرها باستخدامها تقنيات نسج السفيفة الإماراتية وتقنيات النسيج الأمريكية. تم استبدال سعف النخيل بجلد الإبل، حيث جاء إنتاجها بتعاون بين حرفيّات ومتدربات من برنامج بدوة والفنانة الأمريكية جنيفر زوريك.

قوارير عطر تمثل البيئتين الفلسطينية والإماراتية
ومزج مجلس «إرثي» في أعماله المعروضة من قوارير العطر بين صناعة دهن العود الإماراتية وحرفة صناعة الزجاج الفلسطينية، حيث عملت الفنانة والمصممة الفلسطينية ديما سروجي بالتعاون مع حرفيين متخصصين بالنفخ في الزجاج ومتدرّبات من برنامج بدوة على إنتاجِ زجاجاتٍ للعود والعطور ومداخن زجاجية للعود. وتتميز الزجاجات بتصاميم جديدة ومختلفة، تمثل البيئة الفلسطينية والإماراتية وتجسد شكل نبات الصبّار والأحجار المرجانية وقناديل البحر.

مسابح تستعيد علاقة التلي بالفضة والذهب
ويقدم «إرثي» ضمن معروضاته الحصرية مجموعة من المسابح التقليدية بطريقة مبتكرة، تم إنتجها بالتعاون بين المجلس واستوديو التصميم الباكستاني «ذا ليل كولكشن» الذي يوظف عدداً من الحرفيين الأفغان النازحين.

وتتميز المسابح بإمكانية استخدامها قطع مجوهرات أو ديكور منزلي، حيث استخدمت حرفيات ومتدربات برنامج بدوة، وعاملات استوديو «ذا ليل كولكشن» خرزاً من اللازورد وخيوط وخرز من الذهب والفضة المجدولة، ليعكسن بذلك بدايات حرفة التلّي في دولة الإمارات حيث كانت النساء قديماً ينسجن جدائل التلي باستخدام خيوط من الذهب والفضة الخالصتين، على عكس الخيوط المعدنية الاصطناعية المستخدمة اليوم.

أما في مجموعة المسابح المخصصة لديكور المنازل، فتم تصميمها بعد أن تعلمت المتدربات في «بدوة» أساليب نحت الأحجار لإنتاج مسابح ضخمة يتراوح طول الواحدة منها بين 3 إلى 8 أمتار، حيث استخدمت الحرفيات تقنيات تطعيم الحجر لحفر أشكال هندسية مستوحاة من الأشكال التقليدية التي كانت تزيّن الأبواب الإماراتية قديماً، ودمجت حرفيات بدوة خبرتهن في التلّي الإماراتي مع تقنية «المكراميه» لصنع حبال منسوجة تحمل الخرزات الحجرية والخشبية.

مداخن تجمع «إرثي» و«أدي توك» البريطانية
جمعت هذه المجموعة بين مجلس إرثي والفنانة «أدي توك» التي تعمل مع متحف «فيكتوريا وألبرت» والمرشحة لجائزة «لويفي» في المملكة المتحدة، لصنعِ مجموعة من مداخن العود المعدنية وآنية لحفظ دهن العود، مستوحاة من أشكال الفنون الإسلامية التاريخية.

وصُنع كل وعاء يدوياً باستخدام تقنيات صياغة الفضة التقليدية، إلى جانب تقنيات التشكيل والباتينا التي تعلمتها حرفيات بدوة، إذ تم تصميم المداخن لتكون واسعة وكبيرة لتنشر دخان العود، بينما صممت آنية مغلقة لدهن العود لتحافظ عليه وتحميه من العوامل الجوية.

أثاث يجمع الإسمنت والرمل مع سفيفة الجلد

وكشفت معروضات إرثي أعمالا تم تصميمها بالتعاون بين مصمّمي استوديو «العمارة وأشياء أخرى» ندى تريم، وفيصل طبّارة، وخولة الهاشمي، حيث كشفت مشاركة المجلس قطع أثاث مكوّنة من طاولة ومجموعة من المقاعد المصنوعة في قوالب رملية، حيث أجرى المصمّمون ومتدرّبات برنامج بدوة تجارب أولية، مستخدمين كميات متفاوتة من الماء والرمل والإسمنت والطين والتراب لصنع مادة مشابهة للصخر، التي استخدموها لصناعة قطع الأثاث عبر صبها في قوالب من الرمل. وشاركت حرفيات بدوة في صنع نسيج السفيفة باستخدام جلد الإبل لتغطية مقاعد الكراسي.

قلائد وخواتم من سفيفة الذهب

وعرض مجلس إرثي نتاج تعاونه مع مصمّمة المجوهرات الإماراتية علياء بن عمير، حيث قدم مجوهرات من الذهب صممت على شكل السفيفة، إذ نسجت حرفيات بدوة المتمرسات، خوص النخيل لصنع قطع من السفيفة استخدمت لصناعة قوالب شمعية، ومن ثم تم صب ذهب من عيار 18 قيراطا في القوالب الشمعية لصنع هذه المجموعة من المجوهرات تضم قلائد وخواتم وأقراط، إضافة إلى زجاجات عطور مصغرة يمكن ارتداؤها مثل القلادة.

خراريف مطرزة بالتلي

ووثق إرثي خلال مشاركته في المعرض «الخراريف» الشعبية الإماراتي في لوحات مطرزة بالتلي، بعد أن قدم أعمال تعاون في تصميمها مع مصممة الأزياء الإماراتية خلود ثاني، إذ تعلمت متدربات برنامج بدوة حرفة التطريز على يد حرفيين متخصصين بالتطريز من علامة «بنت ثاني»، واكتسبن تقنيات التطريز على جلد الإبل.

لندن تتعرف على مراحل صناعة الحرف الإماراتية

وأخذ إرثي خلال منصة خاصة زوار معرض لندن للتصميم في رحلة عبر تاريخ ومراحل صناعة الحرف التقليدية الإماراتية، ابتداءً من المواد الخام وكيفية تحضيرها للاستخدام في الحرف، مرورًا بعملية التصميم والتصنيع اليدوي، وصولًا إلى المنتج بشكله النهائي، كما أدخل المجلس على تصميم جناحه الخاص في المعرض، الذي يمتد على مساحة 40 متر مربع، عناصر ومواد مستوحاة من بيئة الإماراتي وتراثها، وتصاميم حديثة تجسد مفاهيم الاستدامة.

مشروع مختبرات التصميم

يجمع مشروع «مختبرات التصميم» الذي أطلقه مجلس إرثي للحرف المعاصر نخبة من المتدربات الإماراتيات والحرفيّات في برنامج بدوة للتنمية الاجتماعية التابع للمجلس، مع عدد من المصممين المحترفين الإماراتيين والعالميين، للعمل على إنتاج ثمانية مجموعات بتقنيات تدمج بين الحرف اليدوية المحلية والعالمية، تتضمن منتجات يوميّة وأعمال فنية. ويهدف مشروع «مختبرات التصميم» إلى تدريب جيل جديد من الحرفيّات للارتقاء بإمكاناتهن، وإكسابهن خبرات في مختلف الحرف، وضمان مستقبل مستدام للحرف التقليدية اليدوية.

مشروع حوار الحرف

يرتكز مشروع حوار الحرف الذي أطلقه مجلس إرثي للحرف المعاصرة بالتعاون مع مؤسسة «كريتيف ديالوغ» في برشلونة، على المزج بين الحِرف التقليدية الإماراتية والعالمية مع إدخال فنون التصميم الحديث بما يقابها مع حرف تقليدية.

ونجح المشروع في إتاحة فرصة للحوار وتبادل الأفكار بين مصمّمين إماراتيين وإيطاليين، وإسبانيين، حول تقنيات التصميم والإنتاج، حيث تعاونوا على إنتاج أربع مجموعاتٍ حصريّة تتداخل في صناعتها وتصميمها عناصر وفنون التلي والسفيفة والفخار من الإمارات، والجلد الإسباني، وزجاج مورانو الإيطالي.

تمكين المرأة عبر الحرف

ويسعى برنامج بدوة للتنمية الاجتماعية التابع للمجلس إلى توفير دورات التدريب المهني للحرفيات الإماراتيات، وإتاحة الفرصة أمامهن للوصول إلى الأسواق المحلية والإقليمية والعالمية، وتمكينهن على المستوى الاقتصادي والمهني والاجتماعي، من خلال تفعيل الشراكات التجارية وإطلاق برامج تبادل المهارات الحِرفية.

ويضم برنامج بدوة للتنمية الاجتماعية أكثر من 60 حِرفية متخصصة بالحِرف اليدوية الإماراتية التقليدية مثل التلي (الضفائر المجدولة يدوياً)، والسفيفة (جدل سعف النخيل)، والتطريز، وعقب إطلاق مشروع «مختبرات التصميم»، انضمت مجموعة جديدة من المتدربات إلى البرنامج، وشاركن في دورات تدريبية قصيرة في الحرف اليدوية والمهارات الناعمة، بهدف تعزيز قدراتهن الحِرفية ومهاراتهن الاجتماعية.